في العام 1308، بدأ الشاعر دانتي أليغييري Dante Alighieri ابداع وتأليف Divine Comedy أو الكوميديا الإلهية، العمل الذي سيشكل أروع أعماله، قصيدة من 14,233 شطر مقسمة إلى ثلاثة كتب: Inferno (الجحيم)، Purgatorio (المطهر)، و Paradiso (الفردوس).
كلنا نعرف هذا العمل بالاسم إن لم يكن عن ظهر قلب. وبالرغم من هذا، عندما قمت بإلقاء نظر عليه مؤخرًا، صُدمت بشيء فاتني عندما تعرفت على هذا العمل لأول مرة – ليس رعب الجحيم الذي يستحضره دانتي بوضوح شديد، ولا الشعور باليأس الذي يغلب عليك وأنت تنحدر أكثر فأكثر إلى أسفل دنياه – لكن في جوهرها، ومن خلال تكوين القصة، تعتبر قصة رمزية تتمحور حول الشك. دانتي الراوي، (والذي يتخذ نفس الاسم في هذه القصيدة)، يكاد يكون في منتصف العمر تمامًا في مُستهل السرد، عندما وجد نفسه “في منتصف الرحلة والتي تمثل رحلة حياتنا”. ومع ذلك، بينما يتسلق أغوار الجحيم، يُدرك بالفعل مدى ضآلة معرفته – رُغم السنوات والحياة التي أمضاها، ظل في تلك “الغابة المظلمة”، فالمسار الذي سلكه ذات مرة اختفى بالتأكيد عن الأنظار.
ما جذبني في قسم الـ Inferno لم يكن مجرد العروض المسرحية لإبداع دانتي Dante – بل كان استعارة مثالية للعذاب الذي يمر به كل فنان أو شخص مبدع عندما نجلس أمام الشاشة أو لوحة الرسم أو شكل الفستان، ونتواجه مع تلك اللحظة التي نصدم فيها بالكامل بما لا نعرفه. عندما أكون عالقاً في وضع كهذا، غالبًا ما أشعر ببعض الراحة بمجرد التفكير بـ Elsa Schiaparelli: الرموز التي ابتكرتها، وكافة المخاطر والصعوبات التي واجهتها، تشكل الآن مادة فريدة ملؤها التاريخ والأسطورة، ومع ذلك لا بد أنها أيضا كانت غير متأكدة، بل خائفة، عندما كانت تعمل على هذه الابتكارات. خوفها مكّنها وزاد من شجاعتها، الأمر الذي يبدو في تناقضٍ مع الحدس، إنما هو بالتأكيد مفتاح العملية الفنية. الخوف، يعني أنك تدفع نفسك لعمل شيء صادم بقوة، شيء جديد بالكامل.
تعتبر هذه المجموعة بمثابة تكريم مني للشك. الشك في الابداع، والشك في العزم. الدوافع المزدوجة والمتناقضة أحيانًا لإقناع النفس وإرضاء الجمهور؛ فالتناقض هو الرفيق الدائم لكل فنان. ومن خلال هذه المجموعة، أردت الابتعاد عن تقنيات فهمتها وكنت مرتاحًا لها، وبدلاً منها قمت باختيار تلك الغابة الداكنة، حيث يكون كل شيء مخيفًا إنما جديداً، مكان أرسم به طريقي من خلال مشاعر في مكان ما عهدته وما فهمته من قبل.
لا شيء في هذه الملابس يبدو كما هو عليه. في لفتة إلى إحساس دانتي Dante بالتنظيم (ثلاث إطلالات مميزة تعكس دوائر الجحيم التسع)، استلهمت أيضًا بشكل مباشر من بعض صوره والاشكال الأكثر جاذبية. الفهد والأسد والذئب – يمثلون الشهوة والفخر والجشع على التوالي – يجدون شكلاً هنا في إبداعات تحنيط اصطناعية مذهلة، تم بناؤها بالكامل يدويًا، من الرغوة والراتنج ومواد أخرى من صنع الإنسان. القطع الأخرى مستوحاة من الصفات الزلقة، ومنزل المرايا house-of-mirrors في الـ Inferno: يتلألأ الترتر paillettes في بعض الفساتين مصنوعة في الواقع من قطع ملساء من الصفيح مكسوة بالجلد، والحلي التي تغطي تنورة واحدة ليست مصنوعة من القماش لكن الخرز الخشبي. الفساتين المخملية الطويلة اللامعة هي بالفعل مطلية يدويًا، في صبغة يتغير لونها حسب زاوية الضوء، مثل أجنحة الفراشة. بالإضافة إلى ذلك؛ تم نحت البلاسترون بتموجات من عرق اللؤلؤ الحقيقي، بالإضافة إلى واحدة مطعمة بشجرة الليمون. وتفضيلي الشخصي، تمثال نصفي عملاق مصنوع يدويًا من النحاس والزنجار شكّل عملاً محببًا خلال الأشهر الأربعة الماضية.
المفاجآت كانت دائمًا الوعد في اعمال إلسا، وعلى مر السنين، تعلم الناس المجيء إلى سكياباريلي Schiaparelli بروح من الإعجاب؛ أنت لا تعرف ما الذي ستواجهه هنا، لكنك تعلم أن القصة ستكون مختلفة في كل مرة. خلال هذا الموسم، ركزنا بشكل أقل على الحرفة المتعمدة، مثل حلي التشريحي ذات الأسلوب المفرط، وأكثر من ذلك على طمس الخطوط الفاصلة بين ما هو حقيقي وغير واقعي. يصبح التقليد (هل هذا أسد حقيقي؟) شكله الخاص من السريالية في هذه المجموعة، بحيث لا تكون متأكدًا تمامًا من الذي قام بصنع القطعة التي تنظر إليها – هل هي من صنع الطبيعة؟ أم من صنع الإنسان؟ ومع ذلك، في الوقت نفسه، أعطينا الأولوية للمسة الفنان وعملنا على إبرزها أكثر من أي وقت مضى، في مجوهرات بسيطة، خشنة وترابية، وحقائب اليد “Secret” و “Face” المرسومة يدويًا من جلد التمساح والمزينة بعرق ذهبي. إذا علم دانتي إلى أي مدى يمكن أن تخدعنا الحياة، خاصة الحياة التي نعتقد أننا نعرفها، فإن هذه الملابس تردد صدى هذا الخداع، وتذكرنا بضرورة أن نجد أنفسنا أحيانًا في مكان ما نضطر فيه وضع افتراضاتنا نصب أعيننا من جديد.
Inferno الجحيم، Purgatorio المطهر،Paradiso الفردوس: لا يمكن تواجد أحدهم دون الآخر. إنه تذكير بأنه لا يوجد شيء اسمه الجنة دون الجحيم؛ كما ولا الفرح دون الحزن، وأكثر، لا نشوة للابداع دون عذاب الشك. صلاتي من أجل ذاتي هي أن أتذكر ذلك في كل وقت- في أصعب أيام حياتي، عندما يكون الإلهام بعيداً، عليَّ أن أتذكر أنه لا يمكن بلوغ الفردوس دون رحلة شاقة في النار أولاً، مع كامل الخوف الذي يرافقها. اسمحوا لي أن أحتضن ذلك على الدوام.