لا شك أن عام 2022 سيكون عاماً إستثنائياً لدولة الإمارات العربية المتحدة، خاصةً مع إطلاقها اليوم بتاريخ 22 /02 /2022 المميز متحف المستقبل أجمل مبنى على وجه الأرض. يعد متحف المستقبل تحفة معمارية بكل المقاييس على أرض دبي التي تزخر بوجود العديد الوجهات السياحية الساحرة ومتاحفها التاريخية الأصيلة وفعالياتها التي لا تتوقف على مدار العام.
يقع المتحف على شارع الشيخ زايد ويتميّز بشكله الرائع. وقد إختارته “ناشيونال جيوغرافيك” كواحد من أروع 14 متحفاً في العالم. ولا يقلّ جمال التصميم الداخلي للمتحف روعةً عن تصميمه الخارجي.
متحف المستقبل مصنوع من الفولاذ والزجاج، وصممه المهندس المعماري “شون كيلا” الذي يتمتع بخبرة عريقة في قطاع العمارة بدبي. ويهدف هذا التصميم على حدّ تعبيره إلى تجسيد رؤية دبي المستقبلية ويتألّف من ثلاثة عناصر رئيسية، وهي التل والمبنى الجزء الداخلي.
يشرح “شون كيلا” من الشركة المسؤولة عن التصميم فكرة المشروع قائلاً: “يمثّل التل الأخضر الأرض بصلابتها وديمومتها وتجذّرها في المكان والزمان والتاريخ… أما المبنى العلوي المتألق والسابق لعصره فيجسّد الإنسان بقوّته وحرفيّته وقدرته على الإنسجام والتآلف مع محيطه. أما الفراغ البيضاوي في الهيكل العلوي فيجسد مفهوم الإبتكار. وقد تم إنشاء ذلك عبر تصميم مساحة فارغة ترمز إلى المستقبل الذي تتطلّع له البشرية والعالم بأسره.”
يتألف المتحف من عدة طوابق ويشكّل هيكله الرئيسي أبرز معالمه، إذ يصل Yرتفاعه إلى 78 متراً ويضمّ سبعة طوابق بدون أعمدة، ما يُعتبر معجزة معمارية لا مثيل لها.
ويتميّز المتحف عن غيره من المباني بأنماط فن الخط العربي المصنوعة من الزجاج والتي تغطي كامل سطحه وتشكّل في الوقت عينه نوافذ للمبنى على شكل سطور شعرية كتبها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، للتعبير عن رؤيته للمدينة.
يعود الفضل في إنجاز هذا العمل المذهل إلى التقنيات التكنولوجية المتقدّمة وتقنيات صناعة المجسمات ثلاثية الأبعاد المتطورة المستخدمة فيه، إضافة إلى الجهود الجبارة لمئات المهندسين والمعماريين والحرفيين من شركتَي “بام إنترناشنل” و”بورو هابود” اللتين تعتبران الشركتَين المتعاقدتَين الرئيسيتَين والمستشارتَين الهندسيتَين في المشروع، بالإضافة إلى المورّدين الآخرين.
وطبّق مصمّمو المتحف تقنيّة نماذج معلومات البناء (BIM)، وإستطاعوا تبسيط عملية البناء والوصول إلى أفضل تصميم للبنى الهندسية الفولاذية. فكانت النتيجة مبنى لا يجسّد الرؤية المستقبلية للمتحف فحسب، بل هو تجسيد للتقنيات المستقبلة الرائدة أيضاً. وستمنح معارضه للزوار لمحة عن المستقبل من خلال عوامل الجذب التجريبية الجديدة، وسيشعر الزوّار بأنّهم إنتقلوا إلى المستقبل، بمجرد القيام بجولة في المبنى.
أعجوبة بصرية ساحرة
يشكل متحف المستقبل بطابعه المعماري الفريد وخصائصه الإنشائية المميزة والتجارب المستقبلية المهمة الموزعة على مختلف طوابقه السبعة، أعجوبة بصرية ساحرة تخطف أنظار زواره والمهتمين بالهندسة المعمارية في مختلف أنحاء العالم، وهو يعتبر نافذة مميزة على المستقبل، تلامس الوجدان وتخاطب الذائقة الجمالية.
من أجمل مباني العالم
ويعتبر محيط المتحف تجسيداً واقعياً لأحدث ما توصل إليه الإبداع الهندسي البشري، وإختير بين أجمل مباني العالم حتى قبل إفتتاحه الرسمي اليوم، وبالتالي بات المتحف نموذجاً مثالياً لما يطمح المصورون إليه في حكاية الضوء والظلال والإخراج الفني الإبداعي للصور.
كما ويعد المبنى الأكثر إنسيابية وإبداعاً على النحو الذي جعل منه أيقونة معمارية وحضارية عالمية، خاصةً مع مقولات صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، التي تزدان بها واجهته، والمكتوبة بخط الثلث العربي لتشكل ظاهرة فنية فريدة، إذ تبرز المقومات الجمالية لفن الخط العربي من جهة، وتكشف جانباً من رسالة هذا المعلم العالمي من جهة أخرى.
لوحات فنية مبتكرة
وينفرد المتحف بإعتماد واجهته بالكامل على فن الخط وتحديداً على الخط العربي الذي يمتاز بجماليات حروفه الإستثنائية التي تجعله الأكثر انسيابية وثراءً وتطويعاً بين لغات العالم أجمع. كما تبرز دلالات المقولات التي ترسم خط المستقبل لدبي والإنسانية، لتجسد حقيقة روح المتحف ودوره في إستلهام دعوة سموه للعرب إلى “إستئناف الحضارة” والعودة إلى الأسس العلمية والثقافية التي إزدهرت وقامت عليها الحضارة العربية.
هذا ويبهرنا أيضاً الإنسجام والإتساق بين التصميم الخارجي والخط العربي، وبين العمق المستخدم في وعي العلاقة البصرية بين الكتلة والفراغ، وخامات البناء من معدن وزجاج.
فلسفة جديدة في المعمار
ويرسي المتحف من خلال تفاصيل النور والظلال الطبيعية وأنماط الإضاءة المميزة، فلسفة جديدة في المعمار القائم على التكنولوجيا الذكية والإبتكار والإبداع والإستدامة ليضحي لوحة فنية بديعة.
وتشكل حديقة المتحف بدورها ميداناً حيوياً مع المزيج البصري الذي يستند إلى البيئة النباتية المتميزة في الحديقة التي تضم حوالي 100 نوع من النباتات بما يعكس التنوع البيئي الطبيعي في دولة الإمارات، وتناغم البناء مع الطبيعة وإعتماد المستقبل على مفهوم الإستدامة القائم على إنسجام الحضارة الإنسانية مع خصوصية البيئة ومحيطها الطبيعي.
من خلال تصميمه الإبداعي الفريد وهيكله الإستثنائي الملهم، والذي يحفز زواره ويثير شغفهم لبدء رحلة عميقة بإتجاه إستكشاف عوالم جديدة، يمثّل متحف المستقبل معرضاً دائماً لإستعراض جوانب مختلفة من مستقبل الإنسانية وأهم التقنيات التي تنتظر البشر في العقود المقبلة، كما يمثل المتحف مركزاً فكرياً عالمياً من نوعٍ جديد، ويتضمن خمس تجارب رئيسية تأخذ الزائر إلى عالم المستقبل.
المحطة الفضائية المدارية – أمل OSS Hope
و ينقل المعرض الأول “المحطة الفضائيّة المدارية – أمل” OSS Hope الزوار في رحلة إلى الفضاء لإختبار العيش وأداء المهام على متن محطات الفضاء، قبل عودتهم إلى الأرض، لكن بعد 50 عاماً من اليوم، ليكتشفوا كيف أصبح العالم في العام 2071 مع الجهود المبذولة لإستعادة النظام الطبيعي وإستدامة الكوكب.
وتحمل المحطة إسم “أمل” لتعيد إلى الذاكرة مشروع “مسبار الأمل” الذي حقق إنجازا فريداً في تاريخ عمليات إستكشاف الفضاء العربية والعالمية بوصوله إلى مدار كوكب المريخ، لتصبح الإمارات الدولة الأولى عربياً والخامسة عالمياً التي تحقق هذا الإنجاز العلمي.
و في حين أن مشروع مسبار الأمل يعكس الكثير من الدلالات حول رؤية دولة الإمارات ونظرتها الإستراتيجية وإدراك قيادتها الرشيدة لأهمية إستكشاف الفضاء والإستثمار فيه بما يواكب التحولات العالمية المتسارعة ويدعم أهداف الدولة للخمسين عاماً المقبلة، فإن المحطة الفضائيّة المدارية – أمل” OSS Hope، التي يحتضنها متحف المستقبل، تؤكد أن آفاقاً مستقبلية واعدة تنتظر العلماء والباحثين والشغوفين بقطاع علوم الفضاء، بما يحمل المزيد من “الأمل” في مواصلة البشرية محاولاتها الناجحة في إستكشاف الفضاء، من خلال أيقونة “متحف المستقبل” العلمية والحضارية الإماراتية الأحدث.
مختبر “إعادة تأهيل الطبيعة“
فيما يقدم مختبر “إعادة تأهيل الطبيعة”، تجربة فريدة لزوار “متحف المستقبل”، فعند عودتهم من الفضاء الواسع، يحطّ الزوار على سطح الأرض فيستقبلهم المختبر ببيئته التي توظف تقنيات محاكاة الواقع. ويسمح المختبر للزوار بإجراء العديد من التجارب التفاعلية، أبرزها التجارب التي تتضمن إستخدام عينات الحمض النووي لإعادة تأهيل الكائنات الفطرية.
و يعكس المختبر الأولوية التي توليها دولة الإمارات لقضايا الإستدامة البيئية وحماية الطبيعة، حيث كانت الإمارات بين أوائل الدول التي تعلن التزامها بتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، كما تستضيف الدولة الدورة 28 لمؤتمر الدول الأطراف في إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ /COP 28/ في أبوظبي عام 2023.
الواحة
و بعد مغادرة مختبر “إعادة تأهيل الطبيعة” يكون زوار متحف المستقبل أمام تجربة أخرى فريدة، توفرها لهم “الواحة”، والتي يكتشفون فيها عالماً يغمرهم بالشعور بالراحة عبر تحفيز حواسهم الخمس من خلال التركيز على المستوى الشخصي، فيغوصون في أعماق داخلهم، ويبتعدون عن العوامل الخارجية التي تشغل انتباههم.
أبطال المستقبل
وللأطفال حصّتهم أيضًا في المتحف المميّز، إذ تهدف منصة “أبطال المستقبل”، المصممة للأطفال دون سن العاشرة، إلى تحفيز عقول الصغار على إستكشاف أمور جديدة عن أنفسهم وعن العالم من حولهم. كما وتعد منصة أبطال المستقبل أكثر من مجرد مكان للتعلم واللعب، فهي مساحة يضع فيها جيل المستقبل حجر الأساس لمستقبله، ويطلق من خلالها العنان لقدراته.
و يتضمن المستوى الأول منها، مجموعة من النشاطات التي تركز على ست مهارات يحتاجونها لإكتشاف المستقبل هي: الفضول، والإبداع، والثقة، والتواصل، والتعاون، والتفكير النقدي، مقدّمةً مزيجاً من الألعاب اللامحدودة والتحديات التي تتطلب مهارات حل المشاكل والتعاون.
المستقبل اليوم
و يستقطب معرض “المستقبل اليوم” أكثر من 50 عارضًا من الشركات الرائدة والجامعات والمصممين الذين يرسمون ملامح المستقبل، ويقدمون نظرة عامة عما يمكن أن تحمله إلينا السنوات العشر المقبلة.
ويشكل المعرض مناسبة لإستكشاف الطرق المتباينة التي يمكن للتكنولوجيا أن ترسم من خلالها المستقبل والحلول الكثيرة والمتنوعة التي قد توفرها لمواجهة التحديات المفروضة على كوكبنا ومجتمعاتنا في الوقت الراهن والمستقبل، كما يدعو الزوار إلى إستكشاف التغييرات التي تفرضها التكنولوجيا على المستقبل.
صناعة الغد.. الآن
هذه المعروضات والتجارب المبتكرة التي يحفل بها متحف المستقبل تهدف إلى فتح آفاق تصور الجمهور عن الحاضر والمستقبل، وإشراكه في تجربة ملهمة مفعمة بالإيجابية في بناء غد أكثر إشراقًا.
وقد تكون الحلقة الداخلية التي تتوسط تصميم مبنى “متحف المستقبل” ذلك الفراغ الذي يرمز إلى بوابة ممتدة نحو مستقبل واعد، وإحتمالاته اللا نهائية، تمثل في مجملها جزءاً من رؤية مؤسسة دبي للمستقبل، التي تأسست لتخيّل مستقبل دبي وتصميمه وتنفيذه، بهدف تحويل مدينة دبي إلى مركز عالمي لإختبار وتطوير الحلول المبتكرة التي تخدم الإنسانية وتساهم في بناء مستقبل أفضل للمنطقة والعالم.